تشيلسي مورينيو – أقوى ترسانة دفاعية في تاريخ البريميرليغ

تشيلسي مورينيو – أقوى ترسانة دفاعية في تاريخ البريميرليغ

“اكتشف كيف صنع جوزيه مورينيو في تشيلسي موسم 2004-05 أعظم ترسانة دفاعية في تاريخ البريميرليغ، مع رقم قياسي بـ 15 هدفاً فقط واستحواذ دفاعي مذهل.”

حين دخل الرجل الذي غيّر وجه البريميرليغ

عندما استيقظ عشّاق الكرة الإنجليزية في صيف 2004 على خبر انتقال جوزيه مورينيو إلى تشيلسي، جمهور تشيلسي اعتاد رؤية مدربين يأتون ويذهبون، لكنهم لم يشهدوا من قبل دخولًا يشبه دخول البرتغالي، كان شابًا، أنيق المظهر، قادمًا من بورتو بعد أن أطاح بالعمالقة وأحضر دوري الأبطال لخزانة نادٍ لم يتوقع أحد أن يفعلها، وقف أمام الصحفيين في لندن، ابتسامة الواثق على وجهه، ونطق عبارته التي ستظل محفورة في ذاكرة كرة القدم.

“لا تطلقوا علي لقب المغرور، أنا بطل أوروبا، عليكم أن تنادونني بالمدرب الاستثنائي  “ (Special One)  

في لحظة واحدة تغيّرت المعادلة؛ لم يعد الأمر مجرد تعيين مدرب جديد، بل ولادة مشروع كروي ضخم، ومن هنا بدأ الفصل الأول من أعظم القصص في تاريخ البريميرليغ.

 بدايات مورينيو مع تشيلسي: كيف اختاره أبراموفيتش؟

🔹 قرار التغيير الجذري

بعد عام واحد فقط من شراء رومان أبراموفيتش لنادي تشيلسي، كان يفكر في تحويل الفريق إلى قوة عظمى في أوروبا. على الرغم من الأداء الجيد تحت قيادة كلوديو رانييري (الوصيف في البريميرليغ ونصف نهائي دوري الأبطال)، رأى أبراموفيتش أن التغيير ضروري لتحقيق الطموحات.

🔹 لماذا مورينيو؟

الأحلام الكبيرة تحتاج إلى قائد لا يهاب الضغوط، مدرب يرى في نفسه البطل قبل أن يراه الآخرون، في الوقت الذي كان فيه مورينيو يقود بورتو إلى معجزة دوري أبطال أوروبا، كان أبراموفيتش يتابع كل لحظة بإعجاب، ولمّا رفع البرتغالي الكأس في غوتنبرغ، كانت الخطة قد اكتملت: هذا الرجل هو من سيحوّل استثماراته إلى ألقاب، بعد أسابيع قليلة، طُرحت الفكرة على طاولة المفاوضات، وجلس مورينيو في مكتب أبراموفيتش في لندن، تحدث عن رؤيته، عن احتياج تشيلسي إلى هوية حديدية وانضباط دفاعي لا يهتز، وعن فريق لن يُهزم بالصدفة، خرج الروسي مقتنعًا، وعُيّن “السبيشال وان” رسميًا في يونيو 2004.

🔹 صناعة الترسانة الدفاعية

 لم يتردد الملياردير الروسي  في دعم مدربه الجديد ماليًا دون حدود، في صيف 2004، أنفق تشيلسي حوالي 160 مليون يورو، لم تكن الصفقات عشوائية، بل كانت قطعًا محسوبة بدقة لوضع أساس أسطورة دفاعية، استقطب مورينيو من بورتو  ثنائي الدفاع ريكاردو كارفاليو وباولو فيريرا، بمبلغ 30 مليون و20 مليون يورو، ليشكلا نواة دفاعية صلبة بقيادة جون تيري، حتى حراسة المرمى، تم تعزيزها بصفقة الشاب بيتر تشيك من رين بـ13 مليون يورو، والذي سرعان ما أثبت أنه حارس القرن ودرع الترسانة الذي لا يُخترق،  ولم ينسَ مورينيو تعزيز خط الوسط والهجوم حيث ضم الجناح الشاب من آيندهوفن  (أرين روبن بـ18 مليون يورو) ومن بنفيكا أشتري (تياغو مينديز بـ10 ملايين يورو) لإضافة السرعة والتحكم، كما جاء ديدييه دروجبا من أولمبيك مارسيليا مقابل 38.5 مليون يورو ليكون وجه الهجوم،  كل يورو أنفق كان استثمارًا في فلسفة "السبيشيال وان" القائمة على القوة والانضباط، مورينيو استطاع تزامنهم مع القوام الأساس للفريق ليبني دفاعًا قلما عُرِف مثله في تاريخ الدوري الإنجليزي.

كيف بنى مورينيو الترسانة الدفاعية الأسطورية؟

🔹 النظام التكتيكي: 4-3-3 الذي لا يُخترق
مورينيو بدأ مع تشيلسي بخطة 4-4-2 ولكن سرعان ما غيرها لـ4-3-3، مع ماكيليلي كمحور ارتكاز وحيد، الذي شكل سدًا منيعًا أمام خط الدفاع، عند امتلاك الكرة تتوسع الأجنحة للضغط وخلق الفرص، وعند فقدانها، يتحوّل الفريق إلى جدار متحرك — وسط أكثر امتلاءً (يشبه 4-5-1 منظم) يُغلق الممرّات بين الخطوط ويجبر الخصم على اللعب طويلاً أو على الأطراف، هذه المرونة سمحت لتشيلسي بأن تُكسر هجمات الخصوم قبل أن تقترب من منطقة الجزاء، ثم تستغل المساحات عبر تمريرات مباشرة أو انطلاقات الأجنحة للهجمات المرتدة.
🔹 التكتيك الدفاعي: الانضباط
ولم يكن الأمر دفاعًا سلبيًا فحسب، بل هجومًا يبدأ من الأمام، ضغطٌ عالٍ على حامل الكرة، وانضباطٌ جماعي يمنع التمريرات البينية، مع ارتداد سريع عند الخطر، بهذه الخلطة ابتكر مورينيو مدرسة دفاعية جديدة في البريميرليغ؛ مدرسة جعلت تشيلسي فريقًا يُخشى لقاؤه أكثر من أي وقت مضى. 
🔹 الدفاع الأسطوري
في قلب هذا البناء كان هناك برج ثابت اسمه جون تيري؛ القائد الصلب الذي كان حجر الأساس في منظومة مورينيو الدفاعية، وبجانبه ريكاردو كارفاليو الذي يتميّز بوعي تكتيكي عالٍ، كما ان الأظهرة يتحركان بذكاء؛ يُغلقان المساحات على الأطراف، يساعدان في الضغط المُسبق، ويردّان بسرعة عند فقدان الكرة.
🔹 حارس المرمى الذي حطم كل الأرقام
وراء هذا الخط الحديدي وقف عملاق تشيكي شاب؛ بيتر تشيك، بمرونته ورد فعله الخاطف، حطم الرقم القياسي في الشباك النظيفة (25 مباراة دون أهداف)، و نسبة تصديات خيالية بلغت 87.3%  في ذلك الموسم مسجلاً رقماً قياسياً مذهلاً. 

مشوار الفريق في الدوري: سجل لا يُنسى

قاد مورينيو تشيلسي في موسم 2004-2005 لرحلة سيذكرها تاريخ البريميرليغ إلى الأبد، لم يكن الفوز باللقب مجرد إنجاز عادي، بل كان تدميرًا منهجيًا لكل المنافسين والأرقام القياسية.
  • فاز في 29 مباراة وتعادل في 8 ولم يخسر سوى مباراة وحيدة أمام مانشستر سيتي في الاسبوع الـ 9.
  • أنهى الدوري متصدرًا بـ 95 نقطة – رقم قياسي آنذاك – وبفارق 12 نقطة عن أقرب منافسيه أرسنال.
  • أحرز 72 هدفًا في 38 مباراة، ثاني أقوي هجوم بعد أرسنال الذي أحرز 87 هدفاً.
  • الدفاع كان القصة الحقيقية: استقبل 15 هدفًا فقط طوال الموسم، بمعدل هدف كل 228 دقيقة — وهو رقمي قياسي لا يزال صامدًا حتى اليوم.
  • حافظ تشيلسي على 25 مباراة بشباك نظيفة، من ضمنها سلسلة مذهلة من 10 مباريات متتالية بين 18 ديسمبر و12 فبراير. 
  • غالبًا ما كانت النتائج كما يحبها المدرب: فوز باهت 1-0 في 11 مباراة، و2-0 في خمس أخرى، مع مباراة انتهت 3-0، وأربع مباريات 4-0، وأربع تعادلات سلبية 0-0. 
توج تشيلسي باللقب قبل 3 جولات من النهاية، بعد فوز على بولتون واندررز (2-0)  بهدفين فرانك لامباردـ، كان هذا اللقب الأول للنادي في البريميرليغ بعد غياب 50 عامًا من التتويج باللقب، مما جعله أسطورة فريدة كتبها "السبيشيال وان" بخط من حديد.

أقوى خطوط الدفاع في تاريخ البريميرليغ (منذ 1992)

  • تشيلسي مورينيو 2005-2006: استقبل 22 هدفًا فقط، وحافظ على لقب الدوري للموسم الثاني على التوالي.
  • ليفربول كلوب 2018-2019: استقبل 22 هدفًا، لكنه جاء في المركز الثاني خلف مانشستر سيتي بفارق نقطة واحدة فقط رغم هذا الدفاع الصلب.
  •  مانشستر يونايتد فيرجسون 2007-2008: استقبل 22 هدفًا، وفاز بلقب الثاني علي التوالي.
  • أرسنال فينغر 1998-1999: استقبل 17 هدفًا فقط، لكنه حل وصيفًا خلف مانشستر يونايتد في موسم التتويج التاريخي بالثلاثية.
هل سيبقى هذا الرقم خالدًا إلى الأبد؟

ما صنعه مورينيو مع تشيلسي في موسم 2004/2005 لم يكن مجرد لقب دوري يُضاف إلى خزائن النادي، بل كان إعادة تعريف كاملة لفلسفة الدفاع في البريميرليغ، فريق واحد استطاع أن يدمج بين الانضباط الحديدي والمرونة التكتيكية ليحوّل حماية المرمى إلى فن قائم بذاته، حتى اليوم يقف هذا الرقم القياسي شامخًا كحائط لا يُخترق ورمزًا للعصر الذهبي لـ«السبيشيال وان»، وربما تتغير الخطط وتتطور المدارس، لكن صورة تشيلسي مورينيو ستظل في ذاكرة كل مشجع للدوري الإنجليزي عنوانًا للصلابة الدفاعية.

يقول جون تيري عن هذا الإنجاز: "أشعر بالفخر الشديد لما حققناه، وسأكون حزينًا إذا تم كسر هذا الرقم أحد الأيام"

🤔  برأيك أنت، هل سيأتي يوم يكسر فيه فريق آخر هذا الرقم الأسطوري أم سيبقى خالدًا في سجلات البريميرليغ إلى الأبد؟







تعليقات