حين دخل الرجل الذي غيّر وجه البريميرليغ
عندما استيقظ عشّاق الكرة الإنجليزية في صيف 2004 على خبر انتقال جوزيه مورينيو إلى تشيلسي، جمهور تشيلسي اعتاد رؤية مدربين يأتون ويذهبون، لكنهم لم يشهدوا من قبل دخولًا يشبه دخول البرتغالي، كان شابًا، أنيق المظهر، قادمًا من بورتو بعد أن أطاح بالعمالقة وأحضر دوري الأبطال لخزانة نادٍ لم يتوقع أحد أن يفعلها، وقف أمام الصحفيين في لندن، ابتسامة الواثق على وجهه، ونطق عبارته التي ستظل محفورة في ذاكرة كرة القدم.
“لا تطلقوا علي لقب المغرور، أنا بطل أوروبا، عليكم أن تنادونني بالمدرب الاستثنائي “ (Special One)
في لحظة واحدة تغيّرت المعادلة؛ لم يعد الأمر مجرد تعيين مدرب جديد، بل ولادة مشروع كروي ضخم، ومن هنا بدأ الفصل الأول من أعظم القصص في تاريخ البريميرليغ.
بدايات مورينيو مع تشيلسي: كيف اختاره أبراموفيتش؟
🔹 قرار التغيير الجذري
بعد عام واحد فقط من شراء رومان أبراموفيتش لنادي تشيلسي، كان يفكر في تحويل الفريق إلى قوة عظمى في أوروبا. على الرغم من الأداء الجيد تحت قيادة كلوديو رانييري (الوصيف في البريميرليغ ونصف نهائي دوري الأبطال)، رأى أبراموفيتش أن التغيير ضروري لتحقيق الطموحات.
🔹 لماذا مورينيو؟
الأحلام الكبيرة تحتاج إلى قائد لا يهاب الضغوط، مدرب يرى في نفسه البطل قبل أن يراه الآخرون، في الوقت الذي كان فيه مورينيو يقود بورتو إلى معجزة دوري أبطال أوروبا، كان أبراموفيتش يتابع كل لحظة بإعجاب، ولمّا رفع البرتغالي الكأس في غوتنبرغ، كانت الخطة قد اكتملت: هذا الرجل هو من سيحوّل استثماراته إلى ألقاب، بعد أسابيع قليلة، طُرحت الفكرة على طاولة المفاوضات، وجلس مورينيو في مكتب أبراموفيتش في لندن، تحدث عن رؤيته، عن احتياج تشيلسي إلى هوية حديدية وانضباط دفاعي لا يهتز، وعن فريق لن يُهزم بالصدفة، خرج الروسي مقتنعًا، وعُيّن “السبيشال وان” رسميًا في يونيو 2004.
🔹 صناعة الترسانة الدفاعية
لم يتردد الملياردير الروسي في دعم مدربه الجديد ماليًا دون حدود، في صيف 2004، أنفق تشيلسي حوالي 160 مليون يورو، لم تكن الصفقات عشوائية، بل كانت قطعًا محسوبة بدقة لوضع أساس أسطورة دفاعية، استقطب مورينيو من بورتو ثنائي الدفاع ريكاردو كارفاليو وباولو فيريرا، بمبلغ 30 مليون و20 مليون يورو، ليشكلا نواة دفاعية صلبة بقيادة جون تيري، حتى حراسة المرمى، تم تعزيزها بصفقة الشاب بيتر تشيك من رين بـ13 مليون يورو، والذي سرعان ما أثبت أنه حارس القرن ودرع الترسانة الذي لا يُخترق، ولم ينسَ مورينيو تعزيز خط الوسط والهجوم حيث ضم الجناح الشاب من آيندهوفن (أرين روبن بـ18 مليون يورو) ومن بنفيكا أشتري (تياغو مينديز بـ10 ملايين يورو) لإضافة السرعة والتحكم، كما جاء ديدييه دروجبا من أولمبيك مارسيليا مقابل 38.5 مليون يورو ليكون وجه الهجوم، كل يورو أنفق كان استثمارًا في فلسفة "السبيشيال وان" القائمة على القوة والانضباط، مورينيو استطاع تزامنهم مع القوام الأساس للفريق ليبني دفاعًا قلما عُرِف مثله في تاريخ الدوري الإنجليزي.
- فاز في 29 مباراة وتعادل في 8 ولم يخسر سوى مباراة وحيدة أمام مانشستر سيتي في الاسبوع الـ 9.
- أنهى الدوري متصدرًا بـ 95 نقطة – رقم قياسي آنذاك – وبفارق 12 نقطة عن أقرب منافسيه أرسنال.
- أحرز 72 هدفًا في 38 مباراة، ثاني أقوي هجوم بعد أرسنال الذي أحرز 87 هدفاً.
- الدفاع كان القصة الحقيقية: استقبل 15 هدفًا فقط طوال الموسم، بمعدل هدف كل 228 دقيقة — وهو رقمي قياسي لا يزال صامدًا حتى اليوم.
- حافظ تشيلسي على 25 مباراة بشباك نظيفة، من ضمنها سلسلة مذهلة من 10 مباريات متتالية بين 18 ديسمبر و12 فبراير.
- غالبًا ما كانت النتائج كما يحبها المدرب: فوز باهت 1-0 في 11 مباراة، و2-0 في خمس أخرى، مع مباراة انتهت 3-0، وأربع مباريات 4-0، وأربع تعادلات سلبية 0-0.
- تشيلسي مورينيو 2005-2006: استقبل 22 هدفًا فقط، وحافظ على لقب الدوري للموسم الثاني على التوالي.
- ليفربول كلوب 2018-2019: استقبل 22 هدفًا، لكنه جاء في المركز الثاني خلف مانشستر سيتي بفارق نقطة واحدة فقط رغم هذا الدفاع الصلب.
- مانشستر يونايتد فيرجسون 2007-2008: استقبل 22 هدفًا، وفاز بلقب الثاني علي التوالي.
- أرسنال فينغر 1998-1999: استقبل 17 هدفًا فقط، لكنه حل وصيفًا خلف مانشستر يونايتد في موسم التتويج التاريخي بالثلاثية.

