🚨 عندما تُغيّر
المباريات تاريخ كرة القدم
في كأس العالم، ليست الأهداف فقط هي التي تُخلّد الذكريات، بل أحياناً تكون الفضائح المثيرة للجدل هي التي تُحدث تغييرات في قوانين اللعبة، في كأس العالم 1990، كان حارس المرمى مسموحًا له بالإمساك بالكرة بعد أن يمررها إليه زميله، اعتمد منتخب مصر على اللعب الدفاعي وتعطيل اللعب حيث ظلوا طوال المباراة يمررون الكرة للمدافع ثم يعيدها لحارس المرمي، وأصدرت الفيفا لاحقاً قانون منع حراس المرمي من الإمساك بالكرة العائدة من قدم زميله، وفي كأس العالم 1982 اتحد المنتخب الذي وصل لنهائي البطولة مع النمسا لـ"قتل المباراة" وإقصاء الجزائر، دعونا نعود بالزمن ونروي كيف غيّر هذا الحدث القوانين...
إنجاز الجزائر
التاريخي: كيف صعد "محاربو الصحراء" إلى مونديال 1982؟
للمرة الأولى في تاريخه، نجح منتخب الجزائر في التأهل إلى كأس
العالم 1982 بإسبانيا، محققًا إنجازًا تاريخيًا جعل منه أحد أبرز المفاجآت في
التصفيات الأفريقية،
تأهل "محاربو الصحراء" بعد تفوقهم على منافسين أقوياء مثل نيجيريا
وسيراليون والنيجر والسودان، بفضل أداء متميز جمع بين الصلابة الدفاعية
والهجوم الثاقف بقيادة مجموعة من أبرز اللاعبين رابح ماجر، مصطفى دحلب،
لخضر بلومي، وغيرهم...
دخل المنتخب الجزائري البطولة كـ "الغريب" الذي لا يُحسب له حساب، خاصةً أنه وُضع في مجموعة صعبة نسبياً إلى جانب ألمانيا الغربية (حاملة لقب يورو 1980) والنمسا وتشيلي، لم تمنح التوقعات العالمية الجزائر أي فرصة للتأهل، لكن الفريق حمل روحًا قتالية وثقة كبيرة، اعتمد المدربين محيي الدين خالف ورشيد مخلوفي على خليط من المحترفين في أوروبا واللاعبين المحليين، مما منحه توازنًا بين الخبرة والحماس .
⚽ الجزائر vs ألمانيا:
تفاصيل أول صدمة أفريقية في كأس العالم
قبل مواجهة الجزائر وألمانيا الغربية في
كأس العالم 1982، لم يعطِ أحد فرصة للفريق الأفريقي، الصحافة الأوروبية وصفت
المباراة بأنها "مجرد إجراء شكلي"، حيث كانت ألمانيا تُعتبر من المرشحين للفوز
بالبطولة حيث كان لديهم كوكبة من النجوم في تشكيلتهم بول برايتنر، هاينز رومينيجه،
أولي شتيلكه، شوماخر وغيرهم حتى أن بعض اللاعبين، استهانوا بالجزائر في الموتمرات
الصحفية، حتي بعد مفأجاه يوم الافتتاح وخسارة الارجنتين –
حاملة اللقب – أمام بلجيكا، كانوا
واثقين جداً من الفوز!
سير
المباراة: صدمة في "إل مولينون"
لعب منتخب الجزائر، بأسلوب هجومي جريء وكان
الأفضل في الشوط الاول، بجانب مهارتهم وسرعتهم، لعبوا بسلاسة مذهلة وديناميكية نادرة،
ولم يهابوا بطل أوروبا، وأستحقوا هدف التقدم في الدقيقة 54 حيث سجل رباح ماجر الهدف
الأول بعد هجمة مرتدة سريعة ونموذجية، ثم في الدقيقة 68 سجل رومينيغه (الحاصل على الكرة
الذهبية) التعادل لألمانيا بعد عرضية أرضية وغياب التغطية من الدفاع الجزائري، وحين ظن الألمان
أنهم قد استعادوا السيطرة، بعد دقيقة واحدة فقط من هدف التعادل وهجمة جزائرية من تسع
تمريرات وصلت الكرة لبلومي دون رقابة ليسدد الكرة في الشباك من مسافة قريبة الذي
صرح بعد أنتهاء اللقاء "كانت تلك
أجمل لحظة في مسيرتي" وأضاف " لقد أهانونا بتقليلهم من شأننا، فجعلناهم يدفعون الثمن وكان بإمكاننا الفوز بثلاثة أو أربعة أهداف"
وأنتهي اللقاء
2-1، وكانت "صدمة" كما وصفتها الصحافة الالمانية، حيث علق الكثير "هزيمة مذلة أمام فريق وصفناه بالهواة!" وأصبح هذا الفوز أول انتصار لمنتخب أفريقي على فريق
أوروبي في كأس العالم.
🔥 موقف
المجموعة: صراع ثلاثي محتدم !
الجولة
الأولى: بداية صادمة لألمانيا
- فوز
الجزائر قلب المجموعة رأساً علي عقب !
- النمسا
1–0 تشيلي: انتصار متوقع للنمسا، أبقى المنافسة مشتعلة.
الجولة
الثانية: انتصارات تقلب الموازين
- النمسا
2–0 الجزائر: خسر الجزائريون فرصة التعزيز بصدارة المجموعة، وهزموا
بثنائية أمام النمسا!
- ألمانيا
الغربية 4–1 تشيلي: ثأر الألمان من الهزيمة الأولى بسحق تشيلي، مع أداء هجومي
مذهل من رومينيغه.
الجولة الثالثة: الجزائر تنتفض وتترك مصيرها للنمسا وألمانيا
- الجزائر
3–2 تشيلي: في مباراة مثيرة، سجل بلومي وصالح
عصاد ثلاثة أهداف ضمنت للجزائر 4 نقاط، وتركت مصيرها للمباراة
الاخيرة في المجموعة !
فرص الجزائر
للتأهل:
·
تصعد الجزائر في حال تعادل ألمانيا مع النمسا بأي نتيجة .
·
تصعد الجزائر في حال فازت النمسا علي ألمانيا بأي نتيجة .
·
تصعد الجزائر في حال فازت ألمانيا علي النمسا بفارق 3 أهداف !
أغلب الاحتمالات كانت تشير الي مصلحة الجزائر ولكن لم يتخيل أحد علي الاطلاق أن الفيفا ستسمح لـ النمسا وألمانيا أن يتفقا على نتيجة تخدمهما ليصعدا معاً للدور القادم !
🔥 فضيحة خيخون 1982: عندما اتفقت ألمانيا والنمسا على إقصاء الجزائر
5 يونيو 1982، على ملعب "إل
مولينون" بمدينة خيخون، شهد العالم أغرب مباراة في تاريخ كأس العالم، بعد 10 دقائق فقط من البداية، سجل
الألماني هروبيش الهدف الوحيد في المباراة، ثم توقفت المنافسة! تحول
اللقاء إلى عرض هزلي.
- لاعبو ألمانيا
والنمسا اكتفوا بتمرير الكرة في منتصف الملعب، دون
أي محاولات هجومية جادة .
- تحسّر المعلق النمساوي روبرت
سيغر على هذا الأداء، وطلب من المشاهدين إطفاء أجهزة التلفاز، وعلق المعلق الألماني
إيبرهارد ستانجيك أنا محرجٌ حقًا لما يحدث على أرض الملعب، اللاعبون لا
يبذلون أي جهد لتسجيل أهداف إضافية!
- لم يُعجب الكثير من الجمهور،
وأعربوا عن اشمئزازهم من اللاعبين، وهتف الجمهور الإسباني بهتافات "¡Fuera,
fuera!" ("برّا، برّا!")، و"¡Argelia,
Argelia!" ("الجزائر، الجزائر!")
⚽ الخاتمة: تغيير قوانين
الفيفا بعد خيخون
لقد كتبت فضيحة خيخون 1982 أحد أقسى الدروس في تاريخ
الرياضة: "الموهبة وحدها لا تكفي، فالعدل هو روح المنافسة الحقيقية"،
رغم تقديم الاتحاد الجزائري احتجاجًا رسميًا، ظل موقف الفيفا صارمًا: "لا
مخالفة للقوانين"، بينما نفى الألمان والنمساويون أي تواطؤ، لكن التاريخ يحكم
بغير ما حكمت به اللوائح ذلك اليوم.
تظل هذه الواقعة ندبة في جبين كرة القدم، لكنها أيضًا كانت
البذرة التي أنبتت أهم إصلاح في نظام البطولة. فمنذ مونديال 1986، أصبحت مباريات
الجولة الأخيرة تُلعب في وقت واحد، وكأنها اعتراف ضمني بأن ما حدث في خيخون كان
"جريمة كروية".
الحكمة الأعمق هنا تتجاوز كرة القدم: "في المنافسة
الحقيقية، لا يكفي أن تكون الأفضل". الجزائر خسرت التأهل لكنها كسبت احترام الجميع،
بينما ألمانيا والنمسا حققا التأهل لكنهما دفعا ثمنه لسنوات من فقدان المصداقية،
لقد علمتنا خيخون أن الانتصارات التي تُبنى على الحيل تذبل، بينما الهزائم النزيهة
تخلد.
وأخيراً ماذا لو
حدثت فضيحة خيخون في عصرنا الحالي، عصر وسائل التواصل الاجتماعي، هل تعتقد أن الفيفا
كان سيتخذ قرارات أكثر صرامة؟ وكيف كان سيختلف رد فعل الجماهير العالمي؟
شاركنا برأيك
(المصادر)
أهداف
مباراة الجزائر وألمانيا 2-1
أستهتار
لاعبي ألمانيا قبل المباراة
كتاب الموت أو المجد: التاريخ المظلم لكأس العالم
صور
من مقال عندما رقصت ألمانيا الغربية والنمسا على أنغام الفالس الفييني
ملخص مباراة ألمانيا والنمسا