🚨 ماذا حدث في هيسل؟
صرخات
الموت وسط نشيد الأبطال
في 29 مايو 1985، كان من المفترض أن يشهد ملعب هيسل في
بروكسل احتفالاً كروياً يليق بنهائي دوري أبطال أوروبا بين أبطال إنجلترا ليفربول
وعملاق الكرة الإيطالية يوفنتوس، وقبل دقائق من صافرة البداية، تحطمت أحلام الآلاف
تحت أنقاض جدار قديم، وتحوّل ملعب هيسيل إلى ساحة فوضى، عنف، ارتباك، وصيحات
ذعر... ثم الانهيار، 39 مشجعًا قُتلوا ومئات المصابين، والمفارقة الصادمة؟
المباراة استمرت كما لو أن الأرواح التي فقدت كانت مجرد إحصائية!
⏳ الهوليغانز: الجذور الدموية لكارثة هيسل
لم تكن كارثة هيسل سوى القمة الجليدية لجبل من العنف الكروي
المتفاقم، خاصة
في إنجلترا حيث بلغت ظاهرة "الهوليغانز: هو مصطلح
يُسْتِخدَم لوصف سلوك غير منضبط أو عنيف أو مدمر يرتكبه الجمهور في أحداث كرة القدم"
ذروتها. كانت المدرجات تعج بعصابات المشجعين المنظمة التي حولت الملاعب إلى ساحات
حرب، من أبرزها ما وقع خلال تصفيات أولمبياد طوكيو 1964، حيث قام هوليغانز الفريق البيروفي
باقتحام الملعب في لقاء بيرو مع الأرجنتين، مما دفع الأمن إلى غلق الأبواب وإطلاق الغاز
المسيل للدموع، ما تسبب في سقوط 327 قتيلا على الأقل نتيجة للتدافع، وفي
عام 1974 اقتحمت جماهير نيوكاسل أرض الملعب بينما كان فريقها متأخرًا بنتيجة
(3–1)، مما اضطر الحكم لوقف المباراة مؤقتًا بعد إصابة اثنين من لاعبي نوتنجهام فوريست،
وفي نهائي دوري الأبطال عام 1975 بين بايرن ميونيخ وليدز يونايتد، اعتدى الجماهير
الانجليزية على جماهير البايرن مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى إيقاف ليدز أوروبيا، وغيرها
كثير من الاحداث المؤسفة !
4
أسباب
وراء انهيار جدار ملعب هيسيل
لم تكن كارثة هيسيل نتيجة لحظة واحدة، بل سلسلة من الأخطاء
القاتلة:
- بنية الملعب: ملعب هيسيل في بروكسل
كان قديمًا ومتهالكًا، حيث بُني عام 1930 ولم يُطوّر بالشكل المناسب، الجدار
الذي فصل الجماهير انهار بسهولة بسبب رداءة البناء.
- ضعف التنظيم
الأمني: عدد
رجال الشرطة لم يكن كافيًا، وتمركزهم كان سيئًا، كما أن بوابات الطوارئ كانت
مغلقة أو مغلّقة جزئيًا.
- اختلاط الجماهير
: كان
قرار تخصيص منطقة "محايدة" بين جماهير الفريقين خطأً قاتلاً. هذه
المنطقة التي كان من المفترض أن تفصل بين المشجعين، تحولت إلى بؤرة للتوتر
عندما تم بيع تذاكرها في السوق السوداء.
- الاحتقان والتوتر
: وسائل إعلام الانجليزية
كانت تصف المباراة بـ"معركة الثأر" بعد تعرض مشجعو ليفربول
للاعتداء في من مشجعي روما بعد فوزهم بكأس الأوروبي العام السابق (1984)
🔥 تفاصيل الكارثة: 90 دقيقة في الجحيم
بدأت المأساة قبل حوالي 45 دقيقة من بداية المباراة، عندما
بدأت مجموعة من مشجعي ليفربول بإلقاء الحجارة والمقاعد والزجاجات على جماهير
يوفنتوس المرتكزة في المنطقة Z،
ثم مع تصاعد التوتر، بدأ
مشجعو ليفربول في اختراق السياج الفاصل الهش بينهم وبين المدرج المحايد، الذي
كان يضم غالبية من مشجعي يوفنتوس، وفي لحظة ذعر، حاول مئات المشجعين الإيطاليين
الفرار من المنطقة، مما أدى إلى تدافع مهول نحو الجدار الغربي للملعب.
تحت وطأة الضغط الهائل، انهار الجدار الخرساني الذي كان
يعاني أصلاً من الهشاشة، وظل سنوات يحذر المهندسون من هشاشته، ساحقاً العشرات تحت أنقاضه،
تحولت ساحة اللعب إلى ساحة معركة حقيقية، ضحايا
تحت الأنقاض، أناس ينزفون، وآخرون يحاولون يائسين انتشال من علق تحت الحطام، الأصوات
التي ملأت الملعب لم تكن هتافات التشجيع، بل صرخات الذعر والاستغاثة التي لا تزال
تتردد في أذهان كل من شهد تلك اللحظات.
⚽ المباراة الشبح: الكرة فوق الدماء
في قرار لا يزال محل جدل حتى اليوم، قرر مسؤولو الاتحاد
الأوروبي إكمال المباراة رغم الكارثة، بحجة أن إلغاءها قد يثير أعمال شغب أكبر.
لعب اللاعبون تحت وطأة الصدمة، حيث شوهد بعضهم يبكون أثناء النشيد الوطني. سجل الفرنسي
ميشيل بلاتيني الهدف الوحيد في المباراة من ركلة جزاء، ليمنح يوفنتوس اللقب في حفل
خال من أي بهجة، حيث سلمت الكأس تحت حراسة أمنية مشددة.
⚖️ التداعيات: كارثة هيسل تهز كرة القدم
لم تكن كارثة هيسل مجرد حادث مأساوي عابر، بل كانت الصفعة
التي أيقظت كرة القدم الأوروبية من غفلتها، في الأسابيع التالية
للكارثة، هزت القرارات الصارمة عالم كرة القدم.
العقوبات القاسية:
- حرمان الأندية
الإنجليزية من المشاركة الأوروبية لمدة 5 سنوات ( 6 سنوات لليفربول )
- خضع الاتحاد الأوروبي لكرة
القدم، الجهة المنظمة للحدث، ومالكو ملعب هيسل، والشرطة البلجيكية للتحقيق بتهمة
التقصير.
- فتح تحقيقات جنائية ضد 34
مشجعًا من ليفربول، أُدين 14 منهم لاحقًا.
- غرامات مالية قياسية على
الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم
- تطوير قوانين الأمن في
الملاعب الأوروبية، وإلغاء الأقفاص الحديدية التي كانت تحول المدرجات إلى
أقفاص، وزيادة أعداد أفراد الامن في الملاعب.
🕊️ الخاتمة: ذاكرة يجب ألا تُمحى
بعد 20 عامًا من الكارثة التي راح
ضحيتها 39 شخصًا معظمهم من مشجعي يوفنتوس، التقى الفريقان مرة أخرى في دوري أبطال أوروبا
2005، مما فتح الجرح القديم وأجبر ليفربول على مواجهة ماضيه، زار وفد من إدارة
ليفربول بقيادة رئيسه ديفيد موريس، ورئيسه التنفيذي ريك باري النصب التذكاري
لهيسل في تورينو ، ووضعوا إكليلًا من الزهور، و قرأ
قائدا الفريقين سامي هيبيا (ليفربول) وأليساندرو ديل
بييرو (يوفنتوس) أسماء الضحايا الـ39 وصرح قائد الفريق الايطالي "الجروح
لا تُمحى، لكن الاعتذار خطوة مهمة"
ورفع
مشجعو “الريدز” في أبريل 2005 لوحة فسيفسائية ضخمة على مدرج
"الكوپ" أعلنت كلمة “Amicizia” (الصداقة) كأعتذار عن ما حدث في هيسيل !
كارثة هيسل لم تكن مجرد حادث مؤسف، بل صفعة قاسية لكرة
القدم العالمية، لقد كشفت المأساة عن الخطر القاتل لخلط التعصب الرياضي مع الإهمال
التنظيمي والبنية التحتية الهشة، بينما شهدت كرة القدم تحسينات كبيرة في مجال
الأمن والسلامة، تبقى الحاجة إلى اليقظة مستمرة، خاصة مع تزايد الضغوط التجارية
على اللعبة، السؤال الذي يطرح نفسه: هل حقاً استوعبنا الدرس؟ أم أن ذاكرة الكرة
قصيرة كما يقولون؟
وأخيراً ما هو أكثر موقف شهدت فيه تعصبًا كرويًا في مباراة كرة قدم؟
وكيف كان شعورك في تلك اللحظة؟ هل كنت أحد الحضور؟ أم
شاهدتها عبر الشاشة؟
أخبرنا بتجربتك في التعليقات — لأن قصص الجماهير تستحق أن
تُروى!
( المصادر )
اعتذار ليفربول
جماهير
ليفربول رفعوا لوحة فسيفسائية بكلمة (الصداقة)
تفاصيل
الكارثة