لطالما
كان الدوري الإيطالي جنة كرة القدم، هل تعلم يا صديقي أن آخر 5 مواسم قبل موسم
1989/1990 شهدت تتويج 5 فرق مختلفة باللقب: -
- هيلاس فيرونا (1985)
– المفاجأة التي هزت إيطاليا!
- يوفنتوس (1986)
– العودة القوية لـ"السيدة العجوز"
- نابولي (1987)
– مارادونا يُتوّج الجنوب بأول سكوديتو في
التاريخ!
- ميلان (1988)
– ساكي وفان باستن يعلنون بداية عصر جديد.
- إنتر ميلان (1989) – يحقق اللقب مرة أخري بعد عناء كبير .
لكن وراء هذه المنافسة الملحمية، كان هناك عالم آخر.. عالم من الشكوك والأسئلة، هل الفُوز باللقب يتم في المكاتب قبل
الملعب؟ البعض يقول إنها منافسة شرسة، والبعض يتساءل: هل كانت النتائج مُكتوبة
مسبقاً؟ هذا ما سنعرفه بعد قليل...
(نجوم الكالتشيو: عندما اجتمع الأساطير في بطولة
واحدة)
كان الدوري الإيطالي في هذة الحقبة مسرحاً لأشرس المنافسات
في تاريخ الكرة العالمية، بطولة ضمت 18 فريقاً تتصارع
بنظام الذهاب والإياب، حيث يحصل الفائز على نقطتين والتعادل على
نقطة واحدة.
ولكن ما جعله استثنائياً هو تجمّع ألمع نجوم الكرة في
إيطاليا تحت سقف واحد:
- دييغو مارادونا (نابولي):
الساحر الأرجنتيني الذي أذهل العالم.
- ماركو فان باستن (ميلان):
هداف الدوري بـ 19 هدفاً.
- سالفاتوري سكيلاتشي
(اليوفي): لاحقاً هداف وأفضل لاعب في كأس العالم 1990
- روبرتو باجيو (فيورنتينا):
الموهبة الإيطالية الصاعدة.
- رودي فولر (روما)
ويورغن كلينسمان (إنتر): الثنائي الألماني القاتل.
- لوتار ماتيوس (إنتر):
قائد المنتخب الألماني وأقوى لاعبي خط الوسط.
التجمّع النجمي جعل كل مباراة معركة أسطورية منذ الجولة الأولى!
(صراع العمالقة:
ملحمة الدور الأول من الدوري الإيطالي)
انتهاء الدور الأول من موسم 1989-1990، تحولت ملاعب إيطاليا
إلى ساحة معركة حقيقية. تسعة فرق متصارعة، كل منها يمتلك أحلامه وأسلحته، لكن
الكأس لا يمكن أن تُقسم، بقيادة الاسطورة مارادونا، سحق نابولي كل من وقف في طريقه 9 انتصارات كالصواعق،
7 تعادلات ،
وهزيمة وحيدة أمام لاتسيو! بـ25 نقطة، أرسل رسالة واضحة: "هذا
العام.. السكوديتو سيعود للجنوب!"
بينما كان الجميع يتحدثون عن نابولي مارادونا، كان الإنتر ينسج
انتصاراته بصمت.. 23 نقطة كفيلة بتحذير الجميع: "لا تنخدعوا بالضوء.. فالظلام
قادم!"
وخلفهم بـ22 نقطة كان الثلاثي ( ميلان وروما وسامبدوريا )
يتربصون لاي سقوط، حيث كانوا يعرفون أن التأخر بثلاث نقاط فقط يعني أن المعركة
الحقيقية لم تبدأ بعد.
ومن بعيد وبفارق 5 نقاط عن نابولي كان اليوفي وأتلانتا في
المركز السادس والسابع ينتظرون الفرصة !
السؤال الذي بقي معلقاً في الهواء:
هل كانت هذه مجرد بداية.. أم أن الأقدار قد رُسمت بالفعل في
تلك الجولات الأولى
المعارك الحاسمة: من سحق ميلان إلى سقوط نابولي
الجولات الحاسمة: الصراع
على الصدارة
بعد 3 جولات من الدور الثاني، ظل نابولي
متصدراً بـ30 نقطة، بينما ظل الثلاثي (إنتر، ميلان، سامبدوريا) يلاحق بـ28 نقطة.
لكن المفاجأة جاءت في الجولة 24 عندما سحق ميلان نابولي 3-0 في
كلاسيكو لا ينسى، ليتعادل الفريقان بـ36 نقطة في النقاط مع تفوق ميلان في فارق
الأهداف !
ومازال الانتر وسامبدوريا خلفهم بـ32 نقطة وملامح المنافسة
والبطل بدأت في الظهور، اللقب لن يخرج بين ( ميلان & نابولي )
الكوارث المتتالية: عندما فقد الجميع أعصابهم
- الجولة 26: كارثة لنابولي بخسارته
3-1 من الإنتر، بينما سحق ميلان روما 4-0 ليعتلي الصدارة بفارق نقطتين!
- الجولة 28: فشل نابولي في استغلال
سقوط ميلان أمام يوفنتوس (3-0) وتعادل 1-1 مع ليتشي.
- الجولة 29: ميلان يخسر مجدداً من
الإنتر 1-3، وأضاع من يده فرصة الابتعاد بالصدارة بعد خسارة نابولي 1-2 من
سامبدوريا، لتشتعل المنافسة مرة أخري ويعود الثلاثي ( أنتر ويوفي وسامبدوريا
) للواجهه بـ38 نقطة بفارق 4 نقاط عن المتصدر !
فضيحة بيرجامو: العملة التي حسمت اللقب!!!
·
الجولة
31: نابولي كان يلعب أمام أتلاتنا في بيرجامو، وفي
لحظة مثيرة للجدل خلال مباراة التي كانت تشير نتيجتها للتعادل السلبي 0-0 حتى
الدقيقة 75، تعرض لاعب نابولي أليماو لإصابة بعد رمي عملة معدنية من المدرجات لكن
الإصابة لم تبدُ خطيرة تم إيقاف المباراة، دخل الطبيب وتصرف وكأن أليماو ينزف
بشدة، رغم أن القطن المستخدم بقي أبيضًا ثم طلب منه البقاء مستلقياً على العشب
لفترة واتُخذ القرار يجب أن ينُقل إلى المستشفى.
المباراة انتهت 0-0 ولكن قوانين الدوري آنذاك
كانت تنص على أنه إذا تسبب جمهور فريق في إصابة لاعب خصم وخروجه من المباراة،
يُعتبر الفريق خاسرًا، وهكذا فاز نابولي 2-0 وتساوي مع ميلان في النقاط بـ45 نقطة لكل فريق بعد سقوطه في فخ
التعادل لسلبي أمام بولونيا !
كارثة فيرونا: الليلة التي فقد فيها ميلان
صوابه
·
الجولة
33 : ميلان كان يلعب مباراة
بدت سهلة أمام فيرونا المرشح للهبوط، ولكن تحول كل شيء إلى كابوس لميلان بفضل
الحكم روزاريو لو بيلو، سجل سيموني هدف التقدم في الدقيقة 33 للميلان من ركلة حرة، ولكن سرعان ما تحول الامر الي مجموعة من القرارات
الغريبة من حكم اللقاء في الشوط الثاني، حيث رفض أحتساب ركلتي جزاء لصالح الميلان،
مما دفع المدرب أريغو ساكي للانفجار غضبًا، فقام الحكم
بطرده من الملعب.
ثم زاد فيرونا من أحزان الميلان
وقدم لنابولي هدية بأحرازه لهدف التعادل من ركلة ركنية، وفي
الدقيقة 82، تلقى فرانك ريكارد البطاقة الصفراء الثانية وطُرد هو الاخر، ويبدو أن اللقب يتجه مباشرة نحو
الجنوب، ثم جاء الدور على فان باستن ليُطرد أيضًا قبل
نهاية المباراة بثلاث دقائق، في حادثة غريبة للغاية. احتُسب عليه خطأ في منتصف الملعب بدا
عادياً، لكن رد فعله كان مفاجئًا ومبالغًا فيه. وكأنه تحطم نفسيًا فجأة، ربما لكثرة
الأخطاء التي حُسبت ضده، او لضياع اللقب، فخلع قميصه وألقاه على الأرض احتجاجًا، ليخرج له الحكم البطاقة الحمراء !
ثم جاء التأكيد النهائي لانتحار ميلان الكروي بعد دقيقتين
فقط، عندما سجل دافيدي بيليجريني هدف الفوز لفيرونا، بعد أن كسر مصيدة التسلل،
وأسكن الكرة في شباك بازالي، المدافع
كوستاكورتا اتهم الحكم بالتحيز في قراراته ليتلقى البطاقة الحمراء الرابعة لميلان
في ذلك اليوم الكارثي.
ليعود نابولي في الصدارة بعد الفوز
علي بولونيا 4-2 !
·
الجولة 34 (الاخيرة) : تفوق نابولي علي لاتسيو بهدف
ونظيف، وفاز ميلان علي باري برباعية لكن ذلك لم يكن كافياً
لمنع ماردونا من التتويج باللقب
للمرة الثانية.
(التتويج المُثير: هل
فاز نابولي بجدارة أم بالتواطؤ؟)
ها هو مارادونا يرفع الكأس مرة أخري وسط أفراح الجنوب،
بينما في الشمال يُدفن ميلان تحت ركام القرارات المثيرة للجدل.. فوز إداري ضد أتالانتا، كارثة
فيرونا ! السؤال الذي ظل يُلاحق التاريخ: هل ضحى الاتحاد الإيطالي
بالنزاهة لضمان مشاركة فريقين في دوري الأبطال؟ ميلان (حامل اللقب) + نابولي
(بطل الدوري)
أم أن ما حدث كان مجرد سلسلة
مصادفات غريبة...؟
لكن في إيطاليا، نعلم جيدًا أنه لا وجود للصدفة وإذا كان
البعض قد أغمض عينيه عن تلك الحقيقة في عام 1990، فبعد 16 عاماً، كشفت فضيحة كالشيوبولي أن
الفساد كان متجذراً بعمق.. فهل كان ذلك الموسم مجرد بروفة أولى لتلك
المسرحية؟ هل كانت تلك مقدمات لفضائح ظهرت لاحقًا؟
والحقيقة؟
ربما اختفت مع أولئك الذين باعوا الكرة.. لكن الشك سيظل يُلاحق هذا
اللقب إلى الأبد.. ففي
جنة الكالتشيو.. حتى الملائكة كانت تغمض عينيها عن الفساد!
ختامًا، كرة القدم ليست مجرد أرقام أو ألقاب، بل قصص تبقى
في الذاكرة. إذا وصلت إلى هنا، فأنت حقًا عاشق للتاريخ الكروي وتفاصيله الدقيقة!
إذا كنت تعتقد أن بعض البطولات حُسمت من خلف المكاتب وليس
داخل الملعب...ما
هي البطولة التي تعتقد – أو تؤمن – أن نتيجتها كانت محسومة قبل بدايتها؟ ولماذا؟
شاركنا رأيك في التعليقات!
(المصادر)
جدول
ترتيب الدوري الايطالي
فضيحة
بيرجامو
كارثة
فيرونا
ملخص مباراة ميلان وفيرونا