الفيرجي تايم: سر انتصارات مانشستر يونايتد في آخر الثواني

الفيرجي تايم: سر انتصارات مانشستر يونايتد في آخر الثواني

 

في كرة القدم، هناك لحظات تصنع التاريخ، ولحظات تعيد كتابته من جديد…

في عالم كرة القدم، حيث تُقاس العظمة باللحظات لا بالألقاب فقط، برزت فلسفة السير أليكس فيرغسون كأقوى دليل على أن "المستحيل" مجرد كلمة، مع مانشستر يونايتد حول الأسطورة الأسكتلندية الثواني الأخيرة إلى مسرح لأكثر اللحظات إثارة، فيما عُرف لاحقًا باسم "الفيرجي تايم" – الظاهرة التي أرعبت المنافسين ورفعت سقف المستحيل.

واليوم، نأخذكم إلى واحدة من أكثر الليالي درامية في تاريخ دوري أبطال أوروبا: نهائي 1999، لنتعرف معاً علي سر انتصارات اليونايتد في الثواني الاخيرة.

 استمر في القراءة لاكتشاف السر!

رحلة مانشستر يونايتد الأسطورية في دوري أبطال أوروبا 1999

البداية الصادمة في "مجموعة الموت"

"في كرة القدم، هناك مجموعات تجعل حتى أعظم الفرق ترتجف، لكن بالنسبة للسير أليكس فيرغسون… كانت تلك هي بداية الحلم."

في سبتمبر 1998، بدأ مانشستر يونايتد مشواره في دوري أبطال أوروبا بمواجهة نارية أمام برشلونة على ملعب أولد ترافورد، لتنتهي المباراة بتعادل مثير (3-3)، كان ذلك اللقاء هو الشرارة الأولى فيما عرف لاحقًا بـ "الرحلة الأسطورية"، القرعة وضعت الشياطين الحمر في "مجموعة الموت" بجوار برشلونة وبايرن ميونخ وبروندبي، وهي مجموعة وصفتها الصحافة بالاختبار الأصعب، لكن فيرغسون رآها "فرصة لصنع التاريخ".

تعادل يونايتد مرة أخرى (2-2) مع بايرن في ميونخ، قبل أن يسحق بروندبي (6-2) في الدنمارك و(5-0) في مانشستر، ثم يعود للتعادل مرة أخري (3-3) أمام برشلونة في الكامب نو.

وفي الجولة الأخيرة، كان الفريق على حافة الإقصاء؛ حيث كان يتأهل متصدرو المجموعات الستة وأفضل فريقين في المركز الثاني، بايرن في الصدارة بـ 10 نقاط، ويونايتد ثانيًا بـ 9 نقاط، وانتهى اللقاء بينهما (1-1)، ليقف الجميع في انتظار نتائج المجموعات الأخرى، وبعد تأكيد التأهل، بدا واضحًا أن شيئًا استثنائيًا على وشك الحدوث.



مواجهة إنتر ميلان: الاختبار الأول

في ربع النهائي، اصطدم مانشستر يونايتد بإنتر ميلان في مواجهة صعبة، سجل دوايت يورك هدفين حاسمين في الذهاب، لكن الإياب في سان سيرو كانت اختباراً حقيقياً، تقدّم فينتولا للإنتر، لترتجف قلوب الجماهير، قبل أن يظهر سكولز في اللحظات الأخيرة ليقتل آمال الطليان بهدف ويحسم التأهل لنصف النهائي.

معجزة تورينو ضد اليوفنتوس

ماذا يحدث عندما تتحول ثوانٍ قليلة إلى شريان حياة؟ الإجابة تكمن في تلك الكرة الذهبية التي انطلقت من قدم جيجز في الدقيقة92  من مباراة الذهاب ضد يوفنتوس في نصف النهائي وخطفت هدف التعادل ليبقي الحلم حيًا، وفي تورينو، بدا أن الكابوس قد عاد بعد هدفين لإنزاغي في أول 11 دقيقة، لكن روي كين، قائد الأساطير، أعاد الأمل بهدف في الدقيقة 24 ولم يتوقف يونايتد، فعدل يورك النتيجة في الدقيقة 34، ثم أطلق أندي كول رصاصة الرحمة قبل النهاية بسبع دقائق، ليصمت ديلي ألبي أمام عاصفة الشياطين الحمر!

لم يكن الوصول إلى الكامب نو محض صدفة. لقد كانت رحلة تحمل الكثير من التحدي والإصرار، من مجموعة الموت إلى مواجهة عمالقة إيطاليا، كتب اليونايتد فصلاً جديداً في تاريخ كرة القدم
"لم نلعب أفضل كرة قدم في أوروبا ذلك الموسم"، اعترف فيرغسون لاحقاً، "لكننا لعنا بأكبر قلب". هذه الروح هي ما جعلت الطريق الي الكامب نو واحدة من أعظم القصص في تاريخ الرياضة
.

نهائي دوري أبطال أوروبا 1999: حين غيّر مانشستر التاريخ في 180 ثانية

في 26 مايو 1999، تحوّل ملعب كامب نو إلى مسرح لأكثر النهايات جنونًا في تاريخ نهائيات دوري أبطال أوروبا، تقدم بايرن ميونخ مبكرًا عبر ماريو باسلر، وأحكم سيطرته على المباراة بخطة دفاعية أرهقت مانشستر يونايتد الذي افتقد روي كين وبول سكولز للإيقاف، بدا الحلم بعيدًا، في الدقيقة 67 أدخل فيرجسون تيدي شيرينغهام، ثم أدخل أولي جونار سولشاير في الدقيقة 81، ولكن كل شيء يشير الي تتويج البايرن بالبطولة ومع اقتراب صافرة النهاية، كان رئيس الاتحاد الأوروبي لينارت يوهانسون في طريقه لتسليم الكأس للبايرن… لكن القدر كان يخبئ شيئًا آخر.

حين توقفت عقارب الساعة عند "فيرجي تايم"

مع دخول الدقيقة 90 وثلاثة دقائق محتسبة كوقت بدل ضائع، حصل مانشستر يونايتد على ركلة ركنية. تقدّم الحارس بيتر شمايكل إلى منطقة جزاء بايرن في محاولة أخيرة، نفّذها بيكهام، لتمر من فوق شمايكل وتصل إلى دوايت يورك الذي وجهها نحو المنطقة المزدحمة وفشل فينك في إبعاد الكرة، لتصل الي جيجز علي حافة منطقة الجزاء ليسددها بقدمه الضعيفة، لكن الكرة وجدت طريقها إلى شيرينغهام الذي أسكنها الشباك في الدقيقة 90:36، بينما كان الجميع يستعد للأشواط الإضافية، رفض فيرغسون التراجع وأمر بمواصلة الضغط رفض لأنه كان يعلم جيداً أن لاعبي البايرن خرجوا من أجواء اللقاء، وفي الدقيقة 92:17، ركلة ركنية أخرى ينفذها بيكهام، في محاولة العثور على رأس شيرينغهام هذه المرة الذي لعبها برأسه، وكان رد فعل سولشاير أسرع، حيث أطلق تسديدة لا تُرد في سقف المرمى، وانزلق على ركبتيه احتفالًا، قبل ان ينفجر الملعب، وكما وصفها حكم اللقاء كولينا بأنها واحدة من أكثر المباريات التي لا تنسي في مسيرته، بينما اعترف لاعبو بايرن لاحقاً بأنهم 'شعروا وكأن السماء سقطت عليهم'. تلك الـ 180 ثانية لم تمنح مانشستر يونايتد لقب دوري الأبطال فحسب، بل خلّدت أسطورة 'الفيرجي تايم'

فلسفة السير فيرغسون: كيف صُمم الفيرجي تايم نفسيًا وتكتيكيًا؟!

لم يكن "الفيرجي تايم" مجرد لحظات حاسمة تأتي في نهاية المباريات، بل كان فلسفة كاملة بناها السير أليكس فيرغسون داخل مانشستر يونايتد، كان يؤمن أن المباراة لا تنتهي إلا مع صافرة الحكم، وأن الثواني الأخيرة يمكن أن تغيّر مصير بطولة بأكملها.

 في إحدى مقابلاته، كشف فيرغسون أن تكتيكه المتمثل في الوقوف على خط التماس والنظر إلى ساعته كان حيلة للتلاعب بعقول الحكام وخصوم، خاصة في أولد ترافورد، حيث الضغط الجماعي مع تشجيع 65 ألف مشجع.

كان يقول: "إذا كنا متأخرين بهدف قبل ربع ساعة من النهاية، فما الجدوى من اللعب بحذر؟ كنت أُفضل المخاطرة ودفع اللاعبين للأمام، لأن هدفًا في الوقت بدل الضائع يقلب المباراة ويشحن الفريق بطاقة جديدة".

هذه العقلية انعكست على تدريبات الفريق، حيث ركز على التحمل البدني والاستعداد النفسي للضغط حتى اللحظة الأخيرة، كان يُشدد على أهمية التحلي بالصبر وعدم الذعر، مؤمنًا بأن اللحظات الأخيرة من المباراة تُتيح الفرصة لاتخاذ قرارات حاسمة.

في كتابه "Leading"، كتب فيرغسون: "غالبًا ما كنا ننتصر في اللحظات الأخيرة، بعد أن استنزفنا طاقة خصومنا… المباريات، كالحياة، تدور حول انتظار الفرص والانقضاض عليها"

"الفيرجي تايم" لم يكن حظًا أو مصادفة، بل مزيج من الإيمان، الصبر، والجرأة، والتدريب، وهو ما جعل مانشستر يونايتد فريقًا لا يُستهان به حتى آخر ثانية من المباراة.

تأثير هذه الفلسفة كان واضحًا في أداء الفريق، حيث حقق اليونايتد العديد من الانتصارات القاتلة في أخر الثواني التي حسمت بطولات وأدخلت الفرح في قلوب الجماهير.

(المصادر)
١- ملخص مباراة اليوفنتوس ومانشستر يونايتد 2-3
٢- أهداف اليونايتد علي بايرن ميونخ في الوقت بدل الضائع
٣- أسرار من ليلة برشلونة 99 يكشفها أبطال ذلك اليوم
٤- حقيقة الفيرجي تايم
٥
- كتاب Leading عن رحلة فيرغسون مع مانشستر يونايتد


تعليقات