ما هي الصفقة الافضل في تاريخ أرسنال ؟

ما هي الصفقة الافضل في تاريخ أرسنال ؟

إدارة الصفقات في أرسنال: من سيمان إلى هنري.. من هي الصفقة الافضل في تاريخ النادي اللندني؟

فن الصفقات: الاستراتيجية التي صنعت أرسنال

في عالم كرة القدم، حيث تتطاير الملايين كالكلمات، تبرز بعض الأندية كفنانين حقيقيين في سوق الانتقالات. ليست القضية فقط في من يدفع أكثر، بل في من يدفع بحكمة. وبينما تغرق بعض الأندية في دوامة الإنفاق، يبني آخرون أمجادهم على بصيرة نادرة وذهنية استثنائية في اكتشاف المواهب.

هنا، حيث تبدأ قصة نادي أرسنال.

فريق "المدفعجية" لم يكن دائمًا منفتحًا بالسيولة، لكنه كان غنيًا بالرؤية، تحت قيادة أرسين فينغر، تحول النادي إلى واحدة من أكثر الآلات ذكاءً في التعاقدات، يجيد شراء اللاعبين المناسبين، بالأسعار المناسبة، وفي التوقيت المناسب، هذه الرحلة ليست مجرد أسماء، بل هي فلسفة كروية متكاملة.. فلسفة صنعت أسطورة.

وييقي السؤال ما هي أفضل الصفقات التي صنعت تاريخ أرسنال ؟

ديفيد سيمان (1990–2003): الحارس الذي منح الاستقرار

حين جاء ديفيد سيمان من كوينز بارك رينجرز في 1990 مقابل مبلغ قياسي لحارس إنجليزي بـ1.3 مليون جنيه أسترليني، تساءل الكثيرون: هل يستحق هذا الرقم؟ بعد سنوات قليلة أصبح الجواب واضحًا؛ سيمان كان صخرة خلف دفاع أرسنال، رمزًا للثبات والثقة، أشهر لحظاته كانت تصديه الخرافي أمام شيفيلد يونايتد في نصف نهائي كأس إنجلترا 2003، كرة رأسية من بول بيسك، مد يده اليسرى في اللحظة الأخيرة ليُخرجها بطريقة شبه مستحيلة؛ تصدٍ بقي في ذاكرة الجماهير مثل هدف تاريخي، وجوده أعطى الفريق استقرارًا سمح للمدافعين بالتقدم، وأكسب أرسنال سمعة “الجدار الحديدي”.

توج سيمان مع أرسنال بـ10 ألقاب مع الفريق (3 دوري أنجليزي & 4 كأس أنجلترا & كأس كاراباو & كأس درع الخيرية & كأس الكؤوس الأوروبية)

باتريك فييرا (1996–2005): قلب المحارب في خط الوسط

في عام 1996، وقّع أرسنال عقدًا مع لاعب شاب طويل القامة اسمه باتريك فييرا مقابل 3.5 مليون جنيه من ميلان الايطالي، كان مجهولًا نسبيًا للجمهور الإنجليزي. لكن منذ أول مباراة ظهر فيها ببدلة المدافع ولاعب الوسط المقاتل، أدرك الجميع أنهم أمام قائد بالفطرة. فييرا كان يربط بين الدفاع والهجوم، يقود الضغط ويغلق المساحات، وفي الوقت نفسه يملك القدرة على صناعة اللعب من العمق،  جسد روح المحارب الذي لا يستسلم أبدًا كان حضوره هو الفارق في صناعة فريق "الإنفينسيبلز" الأسطوري الذي لم يهزم موسم 2003-2004. فييرا لم يكن يلعب من أجل نفسه، بل كان يلهم كل من حوله ليكونوا أفضل.

في عام 2007 ، صنفته صحيفة The Times في المرتبة 33 في قائمتها لأقوى 50 لاعب كرة قدم في التاريخ. لعب مع أرسنال 9 مواسم وتوج بـ10 ألقاب ( 3 دوري أنجليزي & 4 كأس أنجلترا & 3 كأس درع الخيرية )

دينيس بيركامب (1995–2006): الفنان المبدع

عندما انضم دينيس بيركامب إلى أرسنال عام 1995 مقابل 7.5 مليون جنيه، كان البعض يشكك في قدرة هذا الهولندي الخجول على التأقلم مع كرة القدم الإنجليزية، كان الهولندي بحاجة لإعادة اكتشاف نفسه بعد تجربة غير موفقة في إيطاليا،  لكن بيركامب لم يحتج إلى وقت طويل لإثبات أنه فنان حقيقي بموهبة خارقة. كانت رؤيته للملعب استثنائية، وتمريراته الحاسمة قطعًا فنية، وأهدافه من خارج الصندوق محاضرة في الإبداع. هدفه ضد نيوكاسل يظل من أفضل الأهداف في تاريخ البريميرليغ، عندما استلم الكرة بلمسة واحدة ظهره للمرمى ودارت حول المدافع قبل أن يسدد بهدوء، لحظة تُلخص عبقريته، كان بيركامب العقل المدبر لهجمات أرسنال، الذي يرى المساحات قبل أن تتكون ويلعب الكرات قبل أن تصل. فينغر قال عنه: "إنه يرى ما لا يراه الآخرون، إنه مصمم رقصات كروية حقيقية"

لعب دينيس مع أرسنال 11 موسم، سجل 120 هدف وتوج بـ10 ألقاب ( 3 دوري أنجليزي & 4 كأس أنجلترا & 3 كأس درع الخيرية )

تييري هنري (1999–2007): الصفقة التي صنعت أسطورة

ربما تكون صفقة تييري هنري في عام 1999 مقابل 11 مليون جنيه إسترليني هي توقيع القرن لأرسنال، لم يكن المهاجم الفرنسي يعيش أفضل أيامه؛ فشل في إيطاليا، وبدأ الإعلام يشكك في قدرته على التأقلم مع البريميرليغ. لكن فينغر كان يعرفه منذ كان لاعباً في موناكو، ورأى فيه جناحًا يمكن تحويله إلى مهاجم قاتل.

في موسمه الأول، عانى هنري من ضغط الجمهور والإعلام، لكنه سرعان ما رد على التشكيك بأهداف حاسمة، أشهرها هدفه الأسطوري ضد مانشستر يونايتد عام 2000 عندما استدار بجسده بالكامل وسدد الكرة بظهره نحو الزاوية البعيدة؛ هدف أصبح رمزًا لبدايته الحقيقية.

تأثيره لم يكن مجرد أرقام أو أهداف، بل أسلوب كامل؛ طريقة تحركه خارج الصندوق، قدرته على تحويل الهجمات المرتدة إلى أهداف، شخصيته القيادية التي جعلت اللاعبين الشباب ينظرون إليه كمثل أعلى. خلال موسم “اللا هزيمة” 2003-2004، لم يكن هنري يسجل فقط (30 هدفًا في الدوري)، بل كان يفتح المساحات لزملائه ويقود الفريق نفسيًا داخل وخارج الملعب، في نهاية المطاف أصبح الهداف التاريخي لأرسنال بـ228 هدفًا.

عاد هنري قبل أعلان أعتزاله ولعب 7 مباريات أخيرة مع أرسنال في عام 2012، وتوج مع الفريق بـ6 القاب (2 دوري أنجليزي & 2 كأس أنجلترا & 2 كأس درع الخيرية)

صفقات آخري تألقت مع الجنرز !

إلى جانب تلك الأسماء الأسطورية، عرف أرسنال عبر تاريخه سلسلة من الصفقات التي تركت بصمتها بطرق مختلفة، وأثبتت أن سياسة الاستقطاب الذكي قد تصنع جيلاً كاملاً، من هؤلاء سول كامبل الذي جاء في صفقة انتقال حر من توتنهام ليصبح أحد أعمدة الدفاع الصلب خلال حقبة اللاهزيمة، وروبرت بيريس الجناح الفرنسي الأنيق الذي أعاد للفريق بريقه على الأطراف بتمريراته الحاسمة وأهدافه الحاسمة، كذلك جيلبيرتو سيلفا البرازيلي الذي حمل لقب “الجدار غير المرئي” في منتصف الملعب، وروبن فان بيرسي الذي رغم خروجه المثير للجدل بقي سنوات هدافًا مبدعًا وصانعًا للأهداف. هذه الصفقات – رغم تباين فتراتها – جسدت قدرة أرسنال على بناء منظومة متكاملة من المهارة والصلابة، وبأقل تكلفة، لقد أثبت النادي عبر تاريخه أن القيمة الحقيقية لا تُقاس بسعر اللاعب على ورق العقد، بل بتأثيره على أرض الملعب وروحه التي يضيفها لروح الفريق.

 

(المصادر)

1-     ديفيد سيمان (1990–2003)  

2-    تيري هنري أسطورة أرسنال والبريميرليج


تعليقات